فصل: فصل في معاني السورة كاملة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هذه السورة مكية وهي تعالج أصول العقيدة الإسلامية (الوحدانية، الرسالة، البعث) ولكن المحور الذي تدور حوله هو موضوع (البعث والنشور) حتى ليكاد يكون هو الطابع الخاص للسورة الكريمة، وقد عالجه القرآن بالبرهان الناصع، والحجة الدامغة. وهذه السورة رهيبة، شديدة الوقع على الحس، تهز القلب هزا، وترج النفس رجا، وتثير فيها روعة الإعجاب، ورعشة الخوف، بما فيها من الترغيب والترهيب.
ابتدأت السورة بالقضية الأساسية التي أنكرها كفار قريش، وتعجبوا منها غاية العجب، وهي قضية الحياة بعد الموت، والبعث بعد الفناء {ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد} الآيات.
ثم لفتت السورة أنظار المشركين- المنكرين للبعث- إلى قدرة الله العظيمة، المتجلية في صفحات هذا الكون المنظور، في السماء والأرض، والماء والنبت، والثمر والطلع، والنخيل والزرع، وكلها براهين قاطعة على قدرة العلي الكبير {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها} الآيات.
وانتقلت السورة الكريمة للحديث عن المكذبين من الأمم السالفة، وما حل بهم من الكوارث وأنواع العذاب، تحذيرا لكفار مكة أن يحل بهم ما حل بالسابقين {كذبت قبلهم قوم نوج وأصحاب الرس وثمود} الآيات.
ثم انتقلت السورة للحديث عن سكرة الموت، ووهلة الحشر، وهول الحساب، وما يلقاه المجرم في ذلك اليوم العصيب، من أهوال وشدائد تنتهي بإلقائه في الجحيم {ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد} الآيات.
وختمت السورة الكريمة بالحديث عن صيحة الحق وهي الصيحة التي يخرج الناس بها من القبور، كأنهم جراد منتشر، ويساقون للحساب والجزاء، لا يخفى على الله منهم أحد، وفيه إثبات للبعث والنشور، الذي كذب به المشركون {واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج} الآيات. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة ق مكية وقد ذكر نظيرتها في غير المدني الأخير والشامي ونظيرتها فيهما والنازعات.
وكلمها ثلاثمائة وخمس وسبعون كلمة.
وحروفها ألف وأربعمائة وأربعة وسبعون حرفا.
وهي أربعون وخمس آيات في جميع العدد ليس فيها اختلاف ولا مما يشبه الفواصل شيء وكلهم لم يعد {ق}.

.ورؤوس الآي:

{المجيد}.
1- {عجيب}.
2- {بعيد}.
3- {حفيظ}.
4- {مريج}.
5- {فروج}.
6- {بهيج}.
7- {منيب}.
8- {الحصيد}.
9- {نضيد}.
10- {الخروج}.
11- {وثمود}.
12- {لوط}.
13- {وعيد}.
14- {حديد}.
15- {الوريد}.
16- {قعيد}.
17- {عتيد}.
18- {تحيد}.
19- {الوعيد}.
20- {وشهيد}.
21- {حديد}.
22- {عتيد}.
23- {عنيد}.
24- {مريب}.
25- {الشديد}.
26- {بعيد}.
27- {بالوعيد}.
28- {للعبيد}.
29- {مزيد}.
30- {بعيد}.
31- {حفيظ}.
32- {منيب}.
33- {الخلود}.
34- {مزيد}.
35- {محيص}.
36- {شهيد}.
37- {لغوب}.
38- {الغروب}.
39- {السجود}.
40- {قريب}.
41- {الخروج}.
42- {المصير}.
43- {يسير}.
44- {وعيد}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة ق:
المجيد من المجد، وهو كما قال الراغب: السعة في الكرم من قولهم: مجدت الإبل إذا وقعت في مرعى كثير واسع، وصف به القرآن لكثرة ما تضمنه من المكارم الدنيوية والأخروية، رجع بعيد: أي بعث بعد الموت بعيد عن الأوهام، ما تنقص الأرض: أي ما تأكل من لحوم موتاهم وعظامهم، حفيظ: أي حافظ لتفاصيل الأشياء كلها، بالحق: أي بالنبوة الثابتة بالمعجزات، مريج: أي مضطرب من قولهم: مرج الخاتم في إصبعه إذا قلق من الهزال.
بنيناها: أي أحكمنا بناءها، فجعلناها بغير عمد، وزيناها: أي بالكواكب، فروج: أي شقوق، مددناها: أي بسطناها، رواسي: أي جبالا ثوابت تمنعها من الميد والاضطراب، زوج: أي صنف، بهيج: أي ذى بهجة وحسن، تبصرة وذكرى:
أي تبصيرا وتذكيرا، منيب: من أناب إذا رجع وخضع، حب الحصيد: أي حب الزرع الذي من شأنه أن يحصد كالبرّ والشعير، باسقات: أي طويلات، والطلع ما ينمو ويصير بلحا ثم رطبا ثم تمرا، ونضيد: أي منضود بعضه فوق بعض، الخروج: أي من القبور.
الرس: البئر التي لم تطو أي لم تبن، وأصحابه هم من بعث إليهم شعيب عليه الصلاة والسلام، والأيكة: الغيضة الملتفة الشجر، تبّع: هو تبع الحميرى، والعي عن الأمر. العجز عنه: قال الكسائي تقول أعييت من التعب، وعييت من العجز عن الأمر وانقطاع الحيلة، ولبس: أي شك شديد وحيرة واختلاط.
الوسوسة: الصوت الخفىّ ومنه وسواس الحلي والمراد بها هنا حديث النفس وما يخطر بالبال من شتى الشئون، وحبل الوريد: عرق كبير في العنق، وللانسان وريدان مكتنفان بصفحتى العنق في مقدمهما متصلان بالوتين يردان من الرأس إليه، وقعيد:
بمعنى مقاعد كالجليس بمعنى المجالس، والرقيب: ملك يرقب قوله ويكتبه، فإن كان خيرا فهو صاحب اليمين، وإن كان شرا فهو صاحب الشمال، عتيد: أي مهيأ لكتابة ما يؤمر به من الخير والشر، سكرة الموت: شدته، بالحق: أي بحقيقة الحال، تحيد:
أي تميل وتعدل، يوم الوعيد: أي يوم إنجاز الوعيد، السائق والشهيد: ملكان أحدهما يسوق النفس إلى أمر اللّه، والآخر: يشهد عليها بعملها، والغطاء: الحجاب المغطى لأمور المعاد، وهو الغفلة والانهماك في اللذات وقصر النظر عليها، حديد: أي نافذ، لزوال المانع للإبصار.
القرين: هو الملك الموكّل بالمرء، عتيد: أي معدّ محضر، عنيد: أي مبالغ في العناد وترك الانقياد للحق، مناع للخير: أي كثير المنع للمال في الحقوق المفروضة عليه، معتد: أي متجاوز للحق ظالم، مريب: أي شاكّ في اللّه وفى دينه، القرين هنا:
الشيطان المقيّض له، بعيد: أي من الحق، لا تختصموا لدىّ: أي لا يجادل بعضكم بعضا عندى، بالوعيد: أي على الطغيان في دار الدنيا في كتبى وعلى ألسنة رسلى، ما يبدل القول لدى: أي لا يقع فيه الخلف والتغيير فلا تطمعوا أن أبدل وعيدي، مزيد: زيادة.
أزلفت: أي أدنيت وقرّبت، غير بعيد: أي في مكان غير بعيد منهم بل هو بمرأى منهم، هذا ما توعدون: أي هذا هو الثواب الذي وعدتم به على ألسنة الرسل، أوّاب: أي رجاع عن المعصية إلى الطاعة، حفيظ: أي حافظ لحدود اللّه وشرائعه، خشى الرحمن بالغيب: أي خاف عقاب ربه وهو غائب عن الأعين حين لا يراه أحد، منيب: أي مخلص مقبل على طاعة اللّه، بسلام: أي سالمين من العذاب وزوال النعم، الخلود: أي في الجنة إذ لا موت فيها، مزيد: أي مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
محيص: أي مهرب، لذكرى: أي لعبرة، قلب: أي لبّ يعى به، أو ألقى السمع:
أي أصغى إلى ما يتلى عليه من الوحى، شهيد: أي حاضر فهو من الشهود بمعنى الحضور، والمراد به الفطن، إذ غيره كأنه غائب، لغوب: أي تعب، سبح بحمد ربك: أي نزهه عن كل نقص، أدبار السجود: أي أعقاب الصلوات، واحدها دبر (بضم فسكون وبضمتين) واستمع أي لما أخبرك به من أهوال يوم القيامة، يوم ينادى المنادى:
أي يخرجون من القبور يوم ينادى المنادى، من مكان قريب: أي بحيث لا يخفى الصوت على أحد، والمنادى هو جبريل عليه السلام، على ما ورد في الآثار، يقول: أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، واللحوم المتمزّقة، والشعور المتفرقة، إن اللّه يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.
والصيحة: النفخة الثانية. بالحق: أي بالبعث والجزاء، يوم الخروج: أي من القبور، تشقق: أي تتصدع، بجبار: أي بمسيطر ومسلط، إنما أنت داع ومنذر. اهـ. باختصار.

.قال الفراء:

سورة ق:
{ق والقرآن الْمَجِيدِ}.
قوله عز وجل: {ق والقرآن الْمَجِيدِ}.
قاف: فيها المعنى الذي أقسم به ذكر أنه قُضى والله كما قيل في حُمَّ: قُضى والله، وحُمَّ والله: أي قضى.
ويقال: إن (قاف) جبل محيط بالأرض، فإن يكن كذلك فكأنه في موضع رفع، أي هو (قافٌ والله)، وكان ينبغي لرفعه أن يظهر لأنه اسم وليس بهجاء، فلعل القاف وحدها ذكرت من اسمه كما قال الشاعر:
قلنا لها: قفى، فقالت: قافْ.
ذكرت القاف أرادت القاف من الوقوف، أي: إني واقفة.
{أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}.
وقوله: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا}.
كلام لم يظهر قبله ما يكون هذا جوابًا له، ولكن معناه مضمر، إنما كان- والله- أعلم: {ق والقرآن الْمَجِيدِ} لتبعثن. بعد الموت، فقالوا: أنبعث إذا كنا ترابًا؟ فجحدوا البعث ثم قالوا: {ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ}. جحدوه أصلا وقوله: (بعيد) كما تقول للرجل يخطئ في المسألة: لقد ذهبت مذهبًا بعيدًا من الصواب: أي أخطأت.
{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ بَلْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ أَفَلَمْ يَنظُرُواْ إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ}.
وقوله: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ} ما تأكل منهم.
وقوله: {فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ} في ضلال.
وقوله: {وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ}.
ليس فيها خلل ولا صدع.
{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ}.
وقوله: {وَحَبَّ الْحَصِيدِ}.
والحب هو الحصيد، وهو مما أضيف إلى نفسه مثل قوله: {إِنَّ هَذا لَهُو حَقُّ الْيَقِين}، ومثله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}.
والحبل هو الوريد بعينه أضيف إلى نفسه لاختلاف لفظ اسميه، والوريد: عرق بين الحلقوم والعلباوين.
{وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ}.
وقوله: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ}.
طوال، يقال: قد بسق طولا، فهن طوال النخل.
وقوله: {لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ}.